آخر تحديث :الثلاثاء-10 سبتمبر 2024-04:51م

اخبار دولية


بعد اغتيال هنية على أراضيها.. الرد الإيراني بين التصعيد والتهدئة

الخميس - 01 أغسطس 2024 - 08:24 م بتوقيت عدن

بعد اغتيال هنية على أراضيها.. الرد الإيراني بين التصعيد والتهدئة

سؤال بلس/وكالات:

أثار مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، واتهام إسرائيل بالضلوع في عملية الاغتيال، تساؤلات حول طبيعة الرد الإيراني وتداعياته ومدى إمكانية أن يتسبب الرد في "اشتعال حرب إقليمية بالمنطقة".

وفي منطقة تتعرض بالفعل لتوترات بسبب حرب إسرائيل في غزة ومخاوف من تفاقم الصراع وامتداده إلى لبنان، اغتيل إسماعيل هنية بالعاصمة الإيرانية طهران في ساعة مبكرة من صباح أمس الأربعاء.

تصعيد أم تهدئة؟
وأكد المسؤولون الإيرانيون أمس الأربعاء، أن طهران مضطرة للردّ على عملية اغتيال هنية التي وقعت داخل أراضيها، فيما خرجت مظاهرات في الشوارع الإيرانية جابت شوارع العاصمة، خاصة في ساحة فلسطين وسط طهران ومدن إيرانية أخرى شارك فيها الآلاف من الإيرانيين، فيما كانت الشعارات المنددة والمطالبة بالرد حاضرة بقوة.

وقال المرشد الإيراني علي خامنئي إن الانتقام لاغتيال هنية "واجب على طهران". لأنه اغتيل على أراضيها، متوعداً بـ"عقاب قاسٍ" لإسرائيل. كما رأى خامنئي أن إسرائيل "وفرت أساساً لمعاقبتها بقسوة".

ووجه خامنئي اليوم الخميس، بـ"ضرب إسرائيل بشكل مباشر"، وأضافوا أنه أصدر هذا الأمر خلال اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للأمن القومي، أمس الأربعاء، وفق ما ذكره مسؤولون إيرانيون.

أما الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، فتوعد إسرائيل، قائلاً إن إيران "ستدافع عن وحدة أراضيها وكرامتها وشرفها وكبريائها، وستجعل المحتلين الإرهابيين يندمون على فعلهم الجبان".

من جانبه، قال الحرس الثوري الإيراني في بيان، أمس، إن اغتيال هنيئة "سيقابل برد قاس وموجع"، متوعداً بأن "إيران ومحور المقاومة سيردان على هذه الجريمة"، في إشارة للحركات المسلحة المتحالفة مع طهران في أنحاء الشرق الأوسط.

بدوره، توعد وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي بألا تمر عملية اغتيال إسماعيل هنية دون رد. أما بعثة طهران بالأمم المتحدة فشددت أمس، على أن "الرد على عملية الاغتيال سيكون بعمليات خاصة، ولكن أصعب ويبعث على الندم".

ورغم هذا الوعيد الإيراني بالرد على إسرائيل، كان النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا عارف، مغرداً خارج السرب، حيث قال إن "طهران ليست لديها نية لتصعيد الصراع في الشرق الأوسط".


علم "إعلان الحرب"
وأمس، رفعت إيران، علماً أحمر يسمى "علم الثأر"، على قبة أحد المساجد في مدينة قم، بعد اغتيال هنية.

وفي مقطع فيديو متداول، ظهر شخص يرفع العلم فوق قبة مسجد جمكران في مدينة قم الإيرانية، وهو نفس العلم الذي رفع عند مقتل قاسم سليماني.

ويعتبر رفع علم الثأر في التراث الإيراني بمثابة "إعلان حالة حرب".

يذكر أن عملية اغتيال هنية شكلت خرقاً واضحاً للوضع الأمني في إيران، لا سيما في ظل إجراءات مشددة رافقت عملية تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان.


حدود الرد
ويرى محللون، أن ردود الأفعال الإيرانية على سلسلة الاغتيالات السابقة، تشير إلى حدود الرد الإيراني على عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، فبعد اغتيال قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس، في يناير(كانون الثاني) 2020، اقتصر الرد الإيراني على ضرب قوات أمريكية في العراق، ما وُصف حينها بالرد المتواضع بالنظر إلى مكانة الفريق قاسم سليماني.

وفي شهر نوفمبر(تشرين الثاني) من العام نفسه اغتيل العالم النووي محسن فخري زاده، الذي اعتبرته إسرائيل، وهيئات استخباراتية أمريكية، أباً لمشروع سري للقنبلة النووية الإيرانية، إلا أن طهران اكتفت بالإعلان عن عزمها محاسبة المتورطين في عملية الاغتيال.

وفي أبريل(نيسان) الماضي، استهدفت القنصلية الإيرانية في سوريا، مما أدى إلى مقتل قائدين في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، هما العميد محمد رضا زاهدي، ومساعده العميد محمد هادي حاج رحيمي، و5 مستشارين عسكريين إيرانيين هم حسين أمان اللهي، ومهدي جلالتي، وشهيد صدقات، وعلي بابائي، وعلي روزبهاني.

وشنت إيران أول هجوم عسكري مباشر في تاريخها على إسرائيل، فيما أطلقت عليه عملية "الوعد الصادق"، وأعلنت على تلفزيونها الرسمي إطلاق مسيرات وصواريخ باليستية من أراضيها باتجاه إسرائيل، إلا أن تل أبيب أعلنت التصدي لــ99% من الصواريخ والمسيرات الإيرانية.

ضرورة الانتقام
وفي السياق ذاته، يرى خبراء ومحللون آخرون، أن الرد الإيراني ضروري للانتقام لاغتيال هنية، بهدف ردع إسرائيل عن قتل أشخاص أقوياء آخرين، مثل حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، أو الجنرال إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس الذي يشرف على الجماعات المسلحة خارج إيران.

وقال الباحث المتخصص بالشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات الدولية، علي واعظ: "من المرجح أن ترى إيران أنه ليس لديها خيار آخر سوى الانتقام لردع المزيد من الهجمات الإسرائيلية والدفاع عن سيادتها، والحفاظ على مصداقيتها في نظر شركائها الإقليميين".

ووفق محللين، فإن إيران "مضطرة" لأن ترد بعد مقتل هنية على أراضيها، ما قد يوسع نطاق الصراع في منطقة الشرق الأوسط، حيث أصبح النظام الإيراني "في مأزق شديد" لأن "الاستهداف" جاء في قلب طهران وكان هنية "ضيفاً" لديهم.




ضغوط على إيران
وفي تقرير لها، كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" أن "أحد أكبر الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، إنريكي مورا، أجرى محادثات حاسمة مع مسؤولين في العاصمة الإيرانية طهران أمس الأربعاء، بعد ساعات من مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية".

وأوضحت الصحيفة أن الضغوط الدبلوماسية الغربية تأتي في الوقت الذي تصاعدت فيه المخاوف بشأن صراع إقليمي أوسع نطاقاً، حيث تعهدت إيران وحزب الله بشكل منفصل بالانتقام من الهجمات.

وقال مسؤولون إن المحادثات ركزت على إقناع طهران إما بعدم الرد أو القيام بعمل رمزي، بعد أن أبلغ دبلوماسيون إسرائيليون محاورين غربيين أن جيشهم لا يخطط لمزيد من العمليات.

ونقلت "فايننشال تايمز" عن دبلوماسي غربي مشارك في المناقشات قوله: "منذ الليلة الماضية، كان الجميع يضغطون على طهران حتى لا ترد واحتواء هذا الأمر".



جنازة رسمية ووعيد بالثأر
وبدأت صباح اليوم الخميس، مراسم تشييع جثمان هنية ومرافقه وسيم أبوشعبان، في جامعة طهران بحضور كبار المسؤولين الإيرانيين، بينهم المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي أمّ صلاة الجنازة على هنية.

وتجمع الآلاف من الإيرانيين في جامعة طهران لأداء الصلاة وحضور مراسم التشييع، وحمل المشيعون صوراً لهنية وأعلام فلسطين وإيران، وهتف بعضهم "الموت لإسرائيل، و"الموت لأمريكا"، و"الولايات المتحدة تقف وراء جرائم إسرائيل".

وقبل أداء صلاة الجنازة على جثمان هنية، شدد رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف، على أن من واجب إيران "الرد على هذه الجريمة"، معتبراً أن "اغتيال قادة المقاومة في لبنان وطهران هو مؤشر على ضعف الكيان الصهيوني"، وأضاف "هذه الاغتيالات والإجراءات، لا أثر لها على مسار حركتنا".

وأشار قاليباف إلى تصريحات قائد الثورة الإيرانية علي خامنئي من أن عهد "اضرب واهرب " قد ولى، مضيفاً "إننا نعلم أن هذه الإجراءات تتمّ بدعم وتنسيق مع أمريكا، رغم أنهم يعلنون في الإعلام أننا لم نكن على عِلم بذلك. إن من واجبنا الرد على هذه الجريمة في الزمان والمكان المناسبَين".