آخر تحديث :السبت-11 يناير 2025-11:13م

تقارير


كيف حوَّل الحوثيون نقاط ضعفهم إلى قوة تخريبية؟

الخميس - 02 يناير 2025 - 11:59 م بتوقيت عدن

كيف حوَّل الحوثيون نقاط ضعفهم إلى قوة تخريبية؟

سؤال بلس/وكالات:

قال آري هايستاين، رئيس الأركان الإسرائيلي السابق وزميل باحث في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي والمتخصص في الشأن اليمني، إن الحوثيين في اليمن يمثلون آخر بقايا ما يسمى بـ"محور المقاومة" المدعوم من إيران، مشيراً إلى أنهم يمتلكون القدرة والرغبة في شن هجمات كبيرة على قلب إسرائيل.



وتساءل الباحث كيف تمكنت هذه الجماعة المتناثرة من المتمردين من حكم 20 مليون شخص، وإطلاق النار باستمرار على إسرائيل، وتعطيل الشحن الدولي في البحر الأحمر؟ ويكمن الجواب في استغلالها بعض نقاط الضعف الظاهرية لتعزيز أركان نظامها.
نقاط ضعف الحوثيين
وأوضح الكاتب في مقاله بموقع صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن أولى نقاط الضعف الحوثي تمثلت في عدم قدرة هذه الحركة الدينية السياسية المتطرفة على حشد الكثير من الدعم الشعبي، إذ حصل "حزب الحق"، الذي شكّل محاولة حسين الحوثي لخوض غمار السياسة الوطنية في تسعينيات القرن العشرين، على أقل من 1% من الأصوات الوطنية في كل الانتخابات التي شارك فيها.
وبدلاً من التخلي عن رؤيتهم المتطرفة، ركز الحوثيون على بناء شبكة شديدة الولاء من الأقارب والأيديولوجيين المتطرفين.

وأبدت نواة نظام الحوثيين هذه تماسكها خلال "حروب صَعْدة" (2006-2010)، عندما خاض الحوثيون حرب عصابات ضد حكومة اليمن، وليس من قبيل المصادفة أن معظم قادة النظام، الذين تتراوح أعمارهم الآن بين أواخر الثلاثينيات والأربعينيات من العمر، كانوا في سنوات القتال المثالية خلال هذا التمرد، مما شكل قيادة متشددة.


ورغم عدم شعبية النظام الحوثي، دعم النظام نفسه بجماعة صغيرة نسبياً من الموالين الذين تربطهم علاقات عائلية والتزام أيديولوجي بالجماعة، وقد صمد هذا "الاستبداد الذي تمارسه الأقلية" في وجه ضغوط عسكرية واقتصادية وسياسية هائلة دون انقسامات أو انشقاقات داخلية كبيرة.
وبرغم الإبلاغ عن نزاعات بين القادة، فقد تم حلها في نهاية المطاف بطرق تعزز تماسك النظام واستمراريته.
أما نقطة الضعف الثانية، يضيف الكاتب، كانت اليمن أفقر دولة في العالم العربي منذ فترة طويلة قبل اندلاع الحرب الأهلية هناك قبل عقد من الزمان. ومن المفترض أن يشكل هذا تحدياً كبيراً لنظام متمرد يحتاج إلى تمويل حملة عسكرية موسعة ومنع التمرد أو المجاعة في مواجهة 20 مليون شخص يعيشون تحت حكمه. ومع ذلك، تمكن الحوثيون من استغلال البؤس الاقتصادي في اليمن لصالحهم.



وباستغلال الحالة الاقتصادية البائسة في اليمن، ساعد الحوثيون في إدخال عشرات المليارات من الدولارات في شكل مساعدات إلى أراضيهم. ثم قاموا بشكل منهجي بسحب هذه المساعدات، من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل، بدءاً من إنشاء شركات واجهة إلى أعمال سرقة وقحة.

الحوثيون واستغلال بؤس اليمنيين
بالإضافة إلى ذلك، يستغل الحوثيون بؤس اليمنيين العاديين لإجبارهم على الخضوع. فنظراً للضعف الاقتصادي الشديد في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، يعيش أغلبية الناس على رواتب الحكومة أو المساعدات، ويستغل النظام هذا الاعتماد لتعزيز الولاء.
على سبيل المثال، إذا لم يرغب أحد معلمي المدرسة الابتدائية في تلقين طلابه المنهج الحوثي المتطرف أو إذا لم يرغب الآباء اليمنيون في إرسال أطفالهم الصغار إلى معسكرات الحوثيين العسكرية، فمن المرجح أن تتم إزالتهم من قوائم المستفيدين من المساعدات الإنسانية بغض النظر عن حاجتهم، ويُمَكِّنُ الفقر المدقع في اليمن الحوثيين من دفع خصومهم إلى معضلة، الطاعة أو الجوع.
ثالث نقطة الضعف، بحسب الكاتب، موقع الحوثيين في الطرف البعيد من شبه الجزيرة العربية، على بعد أكثر من ألف كيلومتر من المحاور الرئيسة في الشرق الأوسط، وهو ما كان سبباً في إبعادهم إلى هامش الشؤون العالمية.
لاعب في القضية الفلسطينية
وبما أنهم لا يشتركون في حدود مع إسرائيل، فإن جهودهم الرامية إلى أن يصبحوا لاعباً في القضية الفلسطينية، لم يكن لها تأثير يذكر ولم يلاحظها أحد إلى حد كبير، حسب الكاتب.
لكنهم اكتشفوا أن لموقعهم البعيد على هذا النحو مزايا أيضاً، حيث مكّنهم من بناء قدرات نارية بعيدة المدى كبيرة (زودتهم بها إيران) دون أن ينتبه إليهم المجتمع العالمي أو يهتم بهم كثيراً.
ووفَّرَ لهم قربهم من مضيق باب المندب خط رؤية واضحاً لإطلاق النار على حركة المرور البحرية التي تمر عبر نقطة اختناق رئيسة للاقتصاد العالمي. وهاجموا الشحن العالمي وأجبر هذا الكثير من سفن الشحن الدولي على إعادة توجيهه بعيداً عن البحر الأحمر إلى القرن الأفريقي.
وكانت الاستجابة الدولية لهذه الهجمات غير فعالة حتى الآن. وعزا الكاتب هذا الأمر جزئياً إلى موقع الجماعة على بعد أكثر من 1000 كيلومتر من القواعد الأمريكية أو الإسرائيلية الرئيسة، مما يعقد الجهود الرامية إلى شن غارات جوية فعالة على الأصول الاستراتيجية للحوثيين.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: "يواجه معارضو الحوثيين نظاماً قادراً على التكيف، لكن قدرته على الصمود ليست بلا حدود. فالضغوط المستمرة على جبهات متعددة ــ اقتصادية وعسكرية وسياسية ــ قد تجبر الحوثيين على ارتكاب خطأ فادح على الساحتين المحلية والدولية. وإذا ارتكبوا هذا الخطأ، في حين يواجه النظام بالفعل ضغوطاً هائلة على جبهات أخرى، فقد يؤدي في نهاية المطاف إلى زوال هذا النظام الماكر".