آخر تحديث :الإثنين-30 يونيو 2025-12:14ص

تقارير


تداعيات معقدة.. تقليص التمويل الدولي يترك آثار قاسية باليمن

الأحد - 29 يونيو 2025 - 08:16 م بتوقيت عدن

تداعيات معقدة.. تقليص التمويل الدولي يترك آثار قاسية باليمن

سؤال بلس/وكالات:

ترك تقليص التمويل الدولي آثار إنسانية صادمة في اليمن، حيث تقبع واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية في العالم.

وكشف تقرير اقتصادي حديث صادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، منظمة غير حكومية، أن النصف الأول من العام 2025 شهد تراجعا غير مسبوق في حجم التمويل الدولي المخصص لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، حيث لم تتجاوز نسبة التغطية 9% من إجمالي المتطلبات حتى منتصف مايو/أيار، في وقت يتزايد فيه عدد المحتاجين للمساعدات إلى أكثر من 19.5 مليون شخص.

كما امتد التراجع الدولي في التمويلات إلى "الاقتصاد الوطني الذي يشهد انهيارًا شبه تام حيث خسرت اليمن نحو 90 مليار دولار من ناتجه المحلي منذ بداية الحرب، وفقد أكثر من 600 ألف شخص وظائفهم. ويعيش 58% من السكان في فقر مدقع"، وفقا للتقرير.

وسلط التقرير الضوء على التأثيرات الكبيرة الناتجة عن قرار الولايات المتحدة الأمريكية تعليق جزء كبير من مساعداتها الإنسانية مطلع العام الجاري، حيث لم تتجاوز مساهمتها 16 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2025، مقارنة بـ768 مليون دولار خلال العام 2024، الأمر الذي أدى إلى فجوة واسعة في تمويل البرامج الحيوية، وتدهور في أداء المنظمات الدولية والمحلية العاملة في المجال الإنساني، خاصة في محافظة مأرب التي تضم أكبر تجمع للنازحين داخليًا.

وأوضح أن إجمالي المساعدات الدولية المقدمة لليمن منذ عام 2015 تجاوز 29 مليار دولار، بينها أكثر من 6.4 مليار دولار قدمتها الولايات المتحدة، عبر برامج متعددة دعمت قطاعات أساسية كالغذاء، والصحة، والتعليم، والمياه، في ظل الانهيار المستمر لمؤسسات الدولة في البلاد.

تداعيات معقدة
قال التقرير إن تراجع حجم المساعدات التمويلية في اليمن ترك آثار صادمة على الوضع الإنساني في البلاد منها:

1. انعدام الأمن الغذائي
تفاقمت أزمة انعدام الأمن الغذائي بدرجات متفاوتة نتيجة تقليص برنامج الأغذية العالمي (WFP) لحجم مساعداته بسبب نقص التمويل، ما أدى إلى خفض عدد المستفيدين من 3.6 مليون إلى 2.8 مليون شخص فقط.

كما أدت تراجع برامج المساعدات التغذوية إلى تضرر نحو 654,000 مستفيد، ما يعادل 80% من خطة عام 2025، مشيراً إلى أن عدم تلبية الاحتياجات التمويلية العاجلة، من المرجح أن يتدهور الوضع بشكل أكبر، مما قد يدفع نحو 6 ملايين شخص إضافي إلى مراحل متقدمة من انعدام الأمن الغذائي (المرحلة الرابعة أو ما فوقها)، ويعرض ما يقارب 400,000 من صغار المزارعين لفقدان مصادر دخلهم وغذائهم الأساسية.

2. تدهور الخدمات الصحية
تشير التقديرات إلى أن غياب التمويل الضروري سيؤدي إلى توقف 771 مرفقًا صحيًا عن العمل، مما يحرم نحو 6.9 مليون شخص من الحصول على الرعاية الصحية الأولية والثانوية المنقذة للحياة، إلى جانب حرمان 2.7 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب من خدمات الرعاية الإنجابية، بما في ذلك أكثر من 30,000 امرأة حامل بحاجة إلى رعاية متخصصة.

3. تدهور أنشطة الحماية المنقذة للحياة
أكد التقرير أن أنشطة الحماية المنقذة للحياة في اليمن تدهورت بشكل خاص نتيجة تعليق الولايات المتحدة جزءًا كبيرًا من مساعداتها الإنسانية، حيث تسبب هذا القرار في اضطراب واسع النطاق بأنشطة الحماية في 254 مديرية عبر 20 محافظة، منها 108 مديريات مصنفة ضمن أعلى درجات الشدة.

كما تأثرت عمليات 18 منظمة شريكة و75 مشروعًا، وتضرر أكثر من 1,000 موظف ميداني، بما في ذلك منظمات محلية تقودها نساء، تواجه بعضها خطر الإغلاق الكامل، وتسبب تعليق أنشطة الرصد في حرمان نحو 838,000 شخص من الدعم الوقائي، مما أضعف قدرة الشركاء على اكتشاف المخاطر والاستجابة السريعة لها، طبقا للتقرير.

4. تدهور الوضع الاقتصادي وانخفاض قيمة العملة المحلية
أدى تقلص التمويلات بالفعل إلى انكماش حاد في النشاط الاقتصادي وتراجع ملموس في الطلب الكلي، وقد شهد الاقتصاد اليمني مؤخرا تدهورًا ملحوظًا، حيث فقدت العملة المحلية الريال اليمني حوالي 25% من قيمتها خلال الأشهر الأخيرة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود بشكل كبير، وهو ما يُغذي بدوره معدلات التضخم.

البدائل والحلول
لمعالجة التداعيات الاقتصادية الوخيمة الناتجة عن تقليص المساعدات الدولية في اليمن، يتطلب الأمر تبني استراتيجية شاملة تركز على التحول التدريجي من الاعتماد الكلي على الإغاثة الإنسانية إلى مسارات التنمية المستدامة.

وأقترح التقرير 5 بدائل وحلول منها، الدعوة لخطة انسحاب تدريجي للمساعدات متوازية مع التنمية، وتمويل التنمية عبر الموارد المحلية وتفعيل المؤسسات، إعادة تفعيل وتعزيز الدعم الدولي التقليدي وتعزيز الشفافية، توسيع قاعدة الشراكات المحلية، والبحث عن مصادر تمويل بديلة ومبتكرة.