آخر تحديث :الخميس-03 يوليو 2025-11:00ص

اخبار دولية


بعد الضربات: هل تترنّح إيران أم تعيد تشديد قبضتها؟

الخميس - 03 يوليو 2025 - 06:00 ص بتوقيت عدن

بعد الضربات: هل تترنّح إيران أم تعيد تشديد قبضتها؟

سؤال بلس/وكالات:

رسم عوديد عيلام، الرئيس السابق لقسم مكافحة الإرهاب في الموساد، صورة معقدة للوضع الإيراني بعد الضربات العسكرية الأخيرة، قائلاً إن إسقاط النظام في طهران لا يمكن أن يكون مهمة إسرائيل وحدها.

وقال عيلام في مقال بموقع مركز القدس للشؤون الأمنية والخارجية: "بينما بدت الجمهورية الإسلامية متهالكة لبعض الوقت، يبدو أن الرد السريع والقاسي من النظام كشف استمرار قدرته على السيطرة، ما يضع الغرب أمام مفترق حاسم بين خيارين: إضعاف النظام أو إسقاطه بالكامل".

احتجاج صامت في قلب طهران
استهل الكاتب مقاله بقصة رمزية، قائلاً إن الشاب فرهاد رضوي، 29 عاماً، وقفَ في ميدان الأرجنتين بطهران في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، خلال الاحتجاجات بعد مقتل مهسا أميني. وأوضح أن فرهاد، رغم كراهيته العميقة للنظام، لم يجرؤ على المجازفة بحياته، لا خوفاً من الموت، بل قلقاً على مصير أسرته بعد رحيله.
وقال الكاتب إن هذه الحكاية تلخص الصراع الداخلي الذي يعيشه الإيراني العادي، الغضب من النظام مقابل ضرورة البقاء.

ضربة عسكرية وقمع
وأضاف الكاتب أن الضربات الإسرائيلية في يونيو (حزيران) 2025 وجّهت صفعة قوية للبنية التحتية العسكرية والنووية والحكومية في إيران، وبدت وكأنها كشفت ضعفاً داخلياً قد يؤدي إلى انهيار. وتابع أن التعافي كان أسرع من المتوقع، إذ استعاد الحرس الثوري السيطرة بشراسة، من خلال اعتقالات، وقمع معلوماتي، واستدعاء موارد اقتصادية غير رسمية مثل شبكات التهريب، ما أعاد الخوف إلى قلوب الإيرانيين، حتى بعد أن بدا النظام مكشوفاً ومهزوماً.

شل النظام أم إسقاطه؟
وأكد الكاتب ضرورة أن تفرق السياسات الغربية بين هدفين، الأول؛ شلّ قدرة النظام، وهذا ممكن من خلال ضربات جوية، وعقوبات اقتصادية، وعزلة دبلوماسية. والثاني، إسقاط النظام بالكامل، وهو هدفٌ آخر يتطلب خطة استراتيجية طويلة المدى، تقوم على عمل استخباراتي سري وتدريجي. وأشار إلى أن الأدوات العسكرية لا تزال فعالة لإضعاف النظام، لكنها ليست كافية لتغييره من جذوره.

الاتفاق النووي لم يعد كافياً
وأوضح عيلام أن مجرد العودة إلى اتفاق نووي شبيه باتفاق 2015 لم يعد مُجدياً بعد الانسحاب الأميركي منه. وقال إنه في حال استئناف المفاوضات، فيجب تضمين مسائل تفكيك منظومات الصواريخ، والطائرات دون طيار، ووقف دعم الإرهاب، وفتح الاقتصاد الإيراني للشفافية والمساءلة. أما إذا فشلت هذه المحادثات، فيجب أن يُفهم أن الغارات الجوية هي بداية "معركة أولى" في حرب طويلة.

دعم المقاومة الداخلية
وأضاف الكاتب أن الطريق الحقيقي لإسقاط النظام يمر عبر الداخل الإيراني، من خلال دعم الأحزاب المعارضة، وتعزيز الإعلام السري، وتشجيع الفئات الناقمة مثل الطلاب والطبقات المهمّشة. وقال إن التصريحات العلنية الصاخبة لا تُسهم سوى في تعزيز قبضة الحرس الثوري، لذا يجب أن يتسم الدعم الغربي بالحذر والذكاء. وأكد عيلام أن إسرائيل لا تستطيع ولا يجب أن تتحمل وحدها عبء إسقاط النظام. فالغارات الجوية لها أهمية تكتيكية على المدى القريب، لكنها لا تكفي لتحقيق تغيير إستراتيجي، مشدداً على أن الولايات المتحدة وحدها، وضمن تحالف دولي منسق، يمكنها رسم خارطة طريق جدية للتغيير.

أفق جديد أو أزمة دائمة
وقال الكاتب إن الاستمرار في الوضع القائم لم يعد مقبولاً. وقال إن النظام الإيراني يجب أن يُنظر إليه كمعضلة حضارية وسياسية لا بد من حلّها جذرياً، وليس كواقع دائم لا يمكن تغييره.

واستشهد ببيتٍ من شعر سيمين بهبهاني، الشاعرة الإيرانية الشهيرة:

"أعموا أبصارنا، لكنهم لم يقيدوا أفكارنا.

واحتلوا شوارعنا، لكن لم ينتزعوا مستقبلنا من قلوبنا".

واختم الكاتب فائلاً إن مستقبل إيران لا يتوقف على الشجاعة الفردية وحدها، بل على إرادة الغرب في ألا يسمح للطغيان بأن يواصل فرض أجندته على المنطقة والعالم.