آخر تحديث :الجمعة-26 يوليه 2024-11:05م

تقارير


المخاطر الضرورية في الضربة الأمريكية لليمن

الأحد - 14 يناير 2024 - 11:35 م بتوقيت عدن

المخاطر الضرورية في الضربة الأمريكية لليمن

سؤال بلس/وكالات:

من خلال ضربها أهدافاً للمتمردين الحوثيين في اليمن يوم الخميس، بعثت واشنطن برسالة لاذعة إلى كل من الحوثيين وداعميهم الإيرانيين مفادها أن الولايات المتحدة أنهت موقفها الدفاعي الوحيد في البحر الأحمر، وأنها عازمة على وقف هجمات الجماعة ضد السفن التجارية في المياه الإقليمية.

يقول الباحث في "معهد الشرق الأوسط" بلال صعب في مقال بصحيفة "نيويورك تايمز" إنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستنجح، بالنظر إلى تعنت الحوثيين وكونهم سيحققون مكاسب من القتال مع الولايات المتحدة الذي يعزز أوراق اعتمادهم لدى أعداء الولايات المتحدة في المنطقة ويصرف الانتباه عن حكمهم الفظيع في شمال غرب اليمن وصنعاء.


ولكن صعب يرى أنه بسبب التهديد المتفاقم الذي تشكله المجموعة على حرية التجارة والملاحة في البحر الأحمر - وهو طريق شحن عالمي رئيسي ومصالح أمريكية أساسية في المنطقة - كان على الولايات المتحدة أن تتحرك.


وأبدى الرئيس بايدن استعداده "لتوجيه المزيد من الإجراءات لحماية شعبنا والتدفق الحر للتجارة الدولية حسب الضرورة". وإذا التزم بهذا النهج الحازم الجديد، وزود القوات الأمريكية في المنطقة بالسلطة والموارد التي تحتاجها، وربط أي استخدام آخر للقوة مع الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب الكارثية بين إسرائيل وحماس، فإن فرصه في كبح جماح الحوثيين سوف تتحسن.

وبعد هجوم حماس في 7 أكتوبر(تشرين الأول) وإعلان إسرائيل الحرب، تعهد الحوثيون بأن الجماعة ستشن هجمات تهدف إلى إيقاف السفن الإسرائيلية أو السفن الأخرى التي تحمل البضائع إلى "الموانئ الفلسطينية المحتلة" لإظهار التضامن مع الفلسطينيين في غزة. ومنذ 17 أكتوبر(تشرين الأول)، هاجم الحوثيون أو ضايقوا ما لا يقل عن 27 سفينة في ممرات الشحن الدولية.

وفي 11 يناير(كانون الثاني)، ردت الولايات المتحدة وتحالف صغير من الحلفاء بضرب أكثر من 60 هدفاً في اليمن، بما في ذلك أنظمة الرادار الحوثية وأنظمة الدفاع الجوي ومواقع التخزين والإطلاق. ونفذت الولايات المتحدة جولة أخرى من الضربات ضد الحوثيين يوم الجمعة.


ويلفت صعب إلى أن المخاطر والشكوك المحيطة بالهجمات التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا واضحة.


وتوعد الحوثيون، الذين أزالتهم وزارة الخارجية من قائمتها للمنظمات الإرهابية الأجنبية في فبراير(شباط) 2021 من أجل تسهيل نقل المساعدات الإنسانية إلى أجزاء من اليمن الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أنهم سينتقمون. وقد يؤدي ذلك إلى تصعيد ترغب واشنطن بشدة في تجنبه، كما يتضح من الزيارات المتعددة التي قام بها وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى المنطقة في الأسابيع الأخيرة.

ويلفت الكاتب إلى أن سجل الهزيمة السياسية أو التدمير العسكري أو حتى ردع الميليشيات الراسخة والقادرة والمرنة في الشرق الأوسط، بالقوة وحدها، سجل ضعيف. وعلى مدى عقود من الزمن، حاولت إسرائيل إضعاف "حزب الله" وحماس، لكنها فشلت فشلاً ذريعاً. وفي الحرب الحالية فإن تعهد إسرائيل بالقضاء على حماس في غزة أمر غير قابل للتنفيذ.


ولعل أكبر حالة من عدم اليقين في هذه المواجهة الجديدة هي طبيعة شراكة الحوثيين مع إيران. منذ عام 2014 على الأقل، زادت إيران دعمها للحوثيين، جزئياً، لأن الجماعة تمنح إيران إمكانية الوصول إلى مضيق باب المندب الاستراتيجي وإتاحة الفرصة لها لاستعراض القوة في الفناء الخلفي لمنافستها المملكة العربية السعودية. ويُعتقد أن الأموال والتدريب والاستخبارات الإيرانية ساعدت في تمكين الجماعة من ضرب أهدافها التجارية الأخيرة في البحر الأحمر. وبدون هذه المساعدة السخية، قد يفقد الحوثيون قدرتهم على إلحاق ضرر كبير بالشحن هناك.

سؤال مفتوح
لكن مدى السيطرة المباشرة التي تمارسها إيران على قيادة الحوثيين يظل سؤالاً مفتوحاً، بما في ذلك ما إذا كان بإمكان طهران أن تأمر الجماعة بوقف عدوانها. وقد يتمتع المتمردون باستقلالية أكبر من العديد من الأعضاء الآخرين في شبكة وكلاء إيران عندما يتعلق الأمر باستخدام العنف الاستراتيجي ضد خصومهم. وحتى لو تعرضت إيران لضغوط دبلوماسية مكثفة أو تهديد حقيقي باستخدام القوة وتوقفت عن دعمها للحوثيين، فإن ذلك قد لا يمنع الجماعة من استخدام الأسلحة التي تمتلكها بالفعل، وهو أمر لا يستهان به. ويمكن للحوثيين نظرياً ًالبقاء مالياً بمفردهم، نظراً لسيطرتهم على إيرادات الدولة ومواردها في اليمن.


ومع ذلك، يقول صعب إنه لا ينبغي للولايات المتحدة أن تعتمد على النهج العسكري وحده. ويجب عليها أيضاً أن تستمر في اتباع دبلوماسية أكثر فعالية فيما يتعلق بغزة والمنطقة ككل. ويزعم الحوثيون أن حملتهم تهدف إلى دعم حماس ووقف الحرب الإسرائيلية، لكن الجيش الأمريكي قال إن العديد من هجمات الحوثيين الأخيرة في البحر الأحمر لم تستهدف السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إليها أو منها.

ويمكن لواشنطن أن تكشف عن هذه الخدعة، من خلال تحقيق انفراجة دبلوماسية في غزة - أو حتى وقف إطلاق النار، على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تطالب بذلك بعد. وقد لا يوقف هذا العدوان الحوثي، لكنه سيعزز الجهود الدبلوماسية التي تبذلها واشنطن لتشكيل تحالف دولي أكبر يهدف إلى التصدي للتهديد الحوثي.

حدود قوة أمريكا
وكلما ظهر الحوثيون أكثر تعنتاً وتهوراً، اتسع الإجماع الدولي على مواجهتهم وزادت الضغوط الدبلوماسية التي يمكن ممارستها ضدهم، بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية صارمة وإعادة تصنيفهم كمنظمة إرهابية.


خلص الكاتب إلى أن الحوثيين يمثلون مشكلة تجاهلها العالم لفترة طويلة، مما سمح لها بالانتشار. ولكن الأمر ليس خارج نطاق السيطرة. إن إيجاد حل سوف يتطلب إرادة سياسية، وتعاوناً دولياً، وربما في المقام الأول، التواضع في فهم حدود قوة الولايات المتحدة في شرق أوسط دائم التغير.