آخر تحديث :الثلاثاء-10 سبتمبر 2024-04:09م

اخبار دولية

كيف يواجه الناتو روسيا في القطب الشمالي؟

الخميس - 22 أغسطس 2024 - 11:45 م بتوقيت عدن

سؤال بلس/وكالات:

على بعد أمتار من طائرة "إف-35 بي" التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، لم تتردد وزيرة خارجية آيسلندا في الاتفاق على أن القطب الشمالي، شمال الدولة الاسكندنافية، منطقة ذات أهمية حيوية.

وقالت ثوردس كولبر آر جيلفادوتر لمجلة "نيوزويك": "نأمل بشدة أن تظل منطقة ذات توتر منخفض.. لكن الأمور تتغير، وعلينا أن نكون يقظين".

الشرطة الجوية
ولهذا السبب أرسلت المملكة المتحدة أربع طائرات مقاتلة من طراز "إف-35 بي" من سرب "617" في البلاد إلى الطرف الجنوبي الغربي من آيسلندا، حيث بدأت الطائرات بمهمة "الشرطة الجوية لحلف الناتو" التي تركز على القطب الشمالي.

وهذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها مقاتلات الشبح من طراز "إف-35 بي" في لندن بأعمال الشرطة الجوية لحلف شمال الأطلسي، على الرغم من أن طائرات أخرى تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني قد اختتمت عدة أشهر من مراقبة الجناح الشرقي للحلف قرب رومانيا.

تم تصميم الطائرات النفاثة السريعة من الجيل الخامس بحيث يصعب اكتشافها بواسطة الرادار، مع قدرة طراز "إف-35 بي" على الهبوط عمودياً والإقلاع من مسافات قصيرة جداً.

واقفا بجانب الطائرة النفاثة الأنيقة، وصف قائد الجناح ستيوارت كامبل، الذي يرأس سرب "617"، طائرات "إف -35" بأنها قادرة على "التحدث مع بعضها البعض عبر التكنولوجيا الحديثة"، موضحاً أنه "عندما تستخدم معاً، فإن العلاقة بين الطائرات متطورة جداً على ما رأيناه في الناتو من قبل".

مراقبة واسعة
وتقول "نيوزويك" إن حلف الناتو لا يراقب أوروبا الشرقية فحسب، بل يراقب بعناية النقاط الساخنة في جميع أنحاء العالم، من الضغط من أجل خفض التصعيد في الشرق الأوسط إلى مضاعفة وجوده في المحيطين الهندي والهادئ.

وهناك شعور متزايد بأن حلف الناتو يركز أيضاً على القطب الشمالي، مما يجر انتباهه إلى الشمال بينما تبني روسيا بهدوء وجودها في المنطقة، وتتطلع الصين باهتمام شديد لهذا الموقع.

وقال وزير القوات المسلحة البريطانية لوك بولارد في بيان: "تظهر مهمة الشرطة الجوية الأخيرة في آيسلندا قدرة المملكة المتحدة على العمل وردع خصومنا عبر المجال الجوي للتحالف".

يمتلك الحلف قبضة قوية على منطقة القطب الشمالي، إذ إن الغالبية العظمى من الدول الواقعة قرب القطب الشمالي هي أعضاء في الناتو، مدعوماً بانضمام فنلندا والسويد إلى الحلف بعد أن شنت روسيا حملتها العسكرية في أوكرانيا في أوائل عام 2022.

وقال أعضاء الحلف مراراً إن الحرب الأوكرانية شكل روابط أكثر تشدداً من أي وقت مضى، وهو موقف انعكس على قاعدة "كيفلافك" الجوية المترامية الأطراف في آيسلندا.

"وحدة الناتو"
وقال نائب المارشال الجوي توم بيرك، قائد مجموعة "11" في سلاح الجو الملكي البريطاني، إن وجود "إف-35 بي" في كيفلافك دليل عملي حقاً على "وحدة الناتو".
من جهته، يشرح الدكتور بريوني ماثيو، السفير البريطاني في آيسلندا، لـ"نيوزويك": "لدينا مصلحة حقيقية في ضمان بقاء هذا المجال من التعاون العالي والتوتر المنخفض في المنطقة".

وترى وزير خارجية آيسلندا أن البلاد "لا تزال ذات أهمية استراتيجية بسبب موقعها، وهذا بالتأكيد لا يتغير عندما تنظر إلى التغيرات المتوقعة في الشمال المرتفع، سواء بسبب المناخ أو الوضع الأمني".

تغير المناخ يعيد تشكيل القطب الشمالي، ويفتحه أمام المزيد من الحركة وارتفاع النشاط في منطقة كان يصعب الوصول إليها سابقاً.

ومع ذلك، فإن التحول البيئي يأتي جنباً إلى جنب مع تدهور العلاقات بين روسيا والدول الغربية بعد عبور قوات موسكو إلى أوكرانيا منذ ما يقرب من عامين ونصف العام.

وعلى الرغم من تلقي روسيا ضربات مؤلمة في أوكرانيا، إلا أن لديها أكبر وجود عسكري في المنطقة من جميع دول القطب الشمالي وهي "تهديد حاد"، حسب تقدير الولايات المتحدة.

قدرات موسكو
موسكو مشغولة بإعادة فتح عدد من منشآتها في حقبة الحرب الباردة، وكثير منها مصمم للاستطلاع والمراقبة، كما قال مارك كانسيان، وهو عقيد احتياطي متقاعد من مشاة البحرية الأمريكية ومستشار كبير في مركز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي، لمجلة "نيوزويك".

وتشير وزيرة خارجية أيسندا إلى أن "الكرملين قد يكون مقيداً في أوروبا الشرقية، لكن هذا لا يمنع أن موسكو لديها قدرات لا تستخدمها حالياً في أوكرانيا وحولها، لذا من الممكن أن تنشرها في القطب الشمالي".

وأضافت أن "الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022 خلق "واقعاً جديداً"، قائلة إن "دول الناتو يجب أن تتكيف مع هذه الظروف المتغيرة".
أما فيما يخص الصين، فقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الشهر الماضي إن بكين، وإن لم تكن دولة في القطب الشمالي، إلا أنه "تغمس أصابعها أكثر في المنطقة"، وترى نفوذا أكبر وإمكانية وصول أكبر للمنطقة.

منطقة استراتيجية
وقالت وزيرة خارجية آيسلندا:" يمكننا أن نرى اهتمامهم المتزايد بالمنطقة".
تغطي الشرطة الجوية لحلف الناتو باستمرار حفنة من المناطق، بما في ذلك دول البلطيق والجناح الشرقي لأوروبا. ومع ذلك، تأتي مهام الشرطة الجوية المنسقة من قاعدة "كيفلافك" في فترات أقصر وتناوب تستمر عادة بضعة أسابيع مع طائرات من دول الناتو المساهمة.
وتعد كل من آيسلندا والمملكة المتحدة جزءاً من القوة الاستكشافية المشتركة التي شكلها حلف شمال الأطلسي لتكون خياراً مرناً عندما يتعلق الأمر بالأمن في شمال أوروبا.

لكن سفير بريطانيا في آيسلندا قال إن "جزءاً آخر من استراتيجية التحالف لحماية القطب الشمالي يتنبأ بما ستبدو عليه المنطقة قريباً من خلال دراسات علمية جديدة. ويعتمد التنبؤ على المعرفة والعلم.. لذلك نحن نبذل قصارى جهدنا لمحاولة فهم المنطقة حقاً، لتمكيننا من التنبؤ بما قد يبدو عليه المستقبل بالنسبة للقطب الشمالي".