آخر تحديث :الخميس-07 أغسطس 2025-11:00ص

تقارير


ضغوط الشارع آتت أكلها: إجراءات حكومية جريئة وراء التعافي المفاجئ للعملة اليمنية

الخميس - 07 أغسطس 2025 - 11:00 ص بتوقيت عدن

ضغوط الشارع آتت أكلها: إجراءات حكومية جريئة وراء التعافي المفاجئ للعملة اليمنية

سؤال بلس/العرب:

شكل التعافي السريع والمفاجئ لعملة الريال اليمني في مناطق الشرعية اليمنية مفاجأة للأوساط الاقتصادية والسياسية كونه لم يأت بسبب إجراءات مالية وتقنية جذرية بل نتيجة إجراءات تنظيمية لم يكن أشد الملاحظين تفاؤلا يؤمن بفاعليتها الكبيرة والسريعة في انتشال الريال من الانحدار المتواصل في قيمته على مدى الأشهر الماضية.

وظلت السلطات تعلن بشكل متكرّر أنّ الأزمة المالية التي جرّت وراءها صعوبات معيشية كبيرة للسكان عائدة بشكل رئيسي لندرة الموارد بعد توقّف تصدير النفط بسبب تعرّض منافذ التصدير للاستهداف من قبل جماعة الحوثي. وتبعا لذلك كان من المنطقي أن يكون أي تحسن في الوضع المالي مرتبطا عضويا باستئناف تصدير الخام، وهو ما لم يحدث عمليا حيث جاء التحسن الكبير في قيمة العملة المحلية نتيجة إجراءات حكومية صارمة ضدّ مؤسسات الصرافة.

وعلى هذه الخلفية اتضح للأوساط المتابعة للشأن الاقتصادي اليمني، كما للمراقبين السياسيين وللأوساط الشعبية في مناطق الشرعية اليمنية، أنّ الأزمة الخانقة التي أثرت بشكل عميق في حياة السكان لم تكن مسألة مقدرات وموارد بل مسألة فشل في الإدارة والتسيير، وأيضا مسألة فساد وتلاعب بالمال العام.

وشهدت أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني الأربعاء استقرارا محافظة بذلك على التحسن الكبير في قيمتها والذي شهدته خلال الأيام الماضية.

وبلغ سعر صرف الريال السعودي 425 ريالا يمنيا، بينما استقر سعر صرف الدولار الأميركي عند 1617 ريالا، بعد أن تجاوز في أسابيع قليلة ماضية سقف الـ2800 ريال لكل دولار. وبدأت قيمة العملة اليمنية منذ نهاية يوليو الماضي في التحسن بشكل مفاجئ مستعيدة أكثر من ثلاثين في المئة من قيمتها المفقودة خلال الأشهر الأخيرة.

وجاء ذلك بعد أن أقدم البنك المركزي في عدن على إغلاق وسحب تراخيص العشرات ومن شركات ومؤسسات الصرافة على خلفية اتهامها بالمضاربة بسعر العملة.

وقالت مصادر محلية إنّ أسبابا “جانبية” أخّرت اتخاذ هذا الإجراء المطلوب منذ عدّة أشهر من قبل الخبراء والمختصّين في شؤون الاقتصاد والمال، لكن ما حال دون تنفيذه هو نفوذ بعض الجهات المتحكمة بتلك المؤسسات المدرة لأرباح كبيرة وسهلة.


وأوضح أحد المصادر أن ما دفع الحكومة أخيرا إلى التجرّؤ على تفكيك شبكة المصالح تلك التي باتت بمثابة لوبي قوي هو ما بلغته الأوضاع في مناطق الشرعية من سوء شديد بات مهدّدا لتماسك السلطة نفسها وقدرتها على الإمساك بزمام المناطق التابعة لها، في ظل تعاظم الغضب الجماهيري وتنقل شرارة المظاهرات والاحتجاجات بين المحافظات.

وجاء في تقرير سابق أصدره محافظ البنك المركزي أحمد غالب المعبقي أن الإجراءات التي اتخذها البنك مؤخرا لضبط المضاربات والسيطرة على سعر صرف العملة، بما في ذلك إيقاف العشرات من شركات ومنشآت الصرافة المخالفة، أسهمت في تحسن قيمة الريال اليمني إلى جانب تفعيل عمل لجنة تمويل وتنظيم الاستيراد.

واقترح المحافظ في تقريره المقدم لمجلس الوزراء عددا من المعالجات من بينها تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها مع المانحين بشكل عاجل لتعزيز الإيرادات ومعالجة الاختلالات في آليات تحصيل موارد الدولة وتوريدها إلى الحساب العام للحكومة.

وشدد التقرير على أهمية تفعيل آليات التنسيق بين البنك المركزي ووزارة المالية بما يحقق التناغم والتكامل بين السياسات المالية والنقدية، إضافة إلى تفعيل دور الأجهزة الأمنية والقضائية لمساندة البنك في جهوده لمحاربة الأنشطة التخريبية غير المرخصة وغير القانونية.


وأظهرت حكومة رئيس الوزراء سالم بن بريك من جهتها تجاوبا مع تلك الإجراءات الفاعلة، وتعهّدت في اجتماع عقدته الأربعاء في عدن بنشر قائمة رسمية بأسماء المؤسسات الممتنعة عن تحويل إيراداتها إلى البنك المركزي “وذلك في إطار التزام الحكومة بالشفافية ومكاشفة الرأي العام”.

وجاء في بيان رسمي تأكيد على أنّ الحكومة لن تتوانى عن اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية ضد أي مؤسسة تمتنع عن التوريد وفقا للقانون وأن المرحلة المقبلة ستشهد تفعيلا صارما لمنظومة الرقابة والمحاسبة ضمن جهود تعزيز الانضباط المالي.